فخامة الأب القائد كيث دايتون "عندما أنظر اليكم يملؤني الفخر من حقيقة أنكم ارتقيتم لان تكونوا مؤسسي دولة فلسطينية" هذه الكلمات ليست من أرشيف المرحوم أحمد الشقيري وهو يستعرض ثلة من جنود منظمة التحرير. هذه الكلمات ليست لياسر عرفات وهو يستعرض فدائيي بيروت أو مغاوير "أوسلو". هذه الكلمات ليست لأبو جهاد ولا أبو علي وقطعًا ليست لأحد قادة حماس الشهداء أو الأحياء. إنها كلمات صانع مجدنا الوطني وراعي نهضتنا الحديثة الجنرال "كيث دايتون" - قالها وهو يستقبل كتيبة جديدة من كتائبه المظفرة في طولكرم. يجب على فتح والسلطة والشعب الفلسطيني من خلفهما إعطاء هذا الرجل حقه؛ فهو يواصل الليل بالنهار لتكون لنا دولة فلسطينية. يجب أن نطبع صورة "الأب القائد دايتون" في كل مكان ويجب أن ننتج الشالات والكوفيات مطرزة بابتسامة من محياه بدلاً من صور الأقصى؛ وصور ذلك العجوز الذي اجتباهم فسمموه وقتلوه ودفنوه ثم تصنعوا الحزن على اغتياله. انتهى عهد التكاذب باسم الفداء والتراب والصمود والشعارات وبدأ العصر السوريالي لما بعد ما بعد الثورة؛ حيث يقوم الأمريكان رعاة المحتلين (اسم فاعل) بتدريب المحتل (اسم مفعول) كيف يستقل وكيف يقيم دولته. صحيح هي دولة بدون إقليم وبدون خمسة أسداس شعبها وبدون سيادة وبدون سلطة لكن سيكون اسمها "دولة فلسطين". صحيح هي دولة بلا دولة لكن المهم أن ضميرنا لن يؤنبنا حين نفرش السجاد الأحمر ويستعرض محمود عباس حرس "القرف" ونصدر الطوابع ونشارك في الأولمبياد (سنخسر خسارة مرة في كل لعبة سنشارك فيها لكن كما هو معلوم سيكفينا "شرف المشاركة" ما دام هذا يكفي باقي الدول العربية؛ وإن حصل وفاز عداء فلسطيني مثلاً في سباق ما "من الله" ثم بسبب جيناته فسيستقبله محمود عباس شخصيًّا في مقر إقامته إن حصل البطل الأوليمبي على "التنسيق الأمني" الصهيوني اللازم لمقابلة رئيس دولتنا في عاصمة دولتنا). ستمكننا هذه الكتائب البطلة التي يخرجها الأمير كيث والتي تدربت على قتل المجاهدين ومطاردتهم واعتقالهم - واعتقال امهاتهم إن لزم الأمر - ستمكننا من إقامة حكومتنا الافتراضية وضرب الطوابع (طابع بصورة دياب العلي وآخر لتوفيق الطيراوي وغيره بصورة قوات "الكوماندوز الفلسطيني" وهي "بغير هدوم" أثناء أدائها "واجبها الوطني") ومن يدري فقد نصدر عملتنا الخاصة التي ستحمل توقيع مدير البنك المركزي الفلسطيني وصورة محمود عباس (وطارق أو ياسر من بعده). نعم ويجب أن نغير نشيد "فدائي فدائي" إلى "معاشي معاشي" فهذا هو أكسير الحياة وحجر فلافسة النضال الوطني لمن كشف عنه الحجاب وأدرك أن الحقيقة المطلقة تكمن في الحصول على الراتب من فياض مهما كان الثمن ومهما بلغت التضحيات! أيتها الجنرالات الفلسطينية التي تدور في ساقية خدمة المحتل اطمئني؛ فالجنرال الأمريكي يعد بتوسيع برامج التدريب. يا كل أعناق شر الدواب المشرئبة للعليقة اليانكية افرحي؛ فالحزبان الجمهوري والديمقراطي - اللذين قلما اتفقا على شيء - يجمعان على دعم برامج تدريب كتائب الزعيم كيث دايتون. يا قادة الأمن الوطني والمخابرات والأمن الوقائي ابشروا؛ فهناك ثلاث كتائب جديدة سيتم تدريبها؛ وهذا لا يعني إلا زيادة في التمويل وزيادة في عديد المسترقين الذين يخدمون نفوذكم المكرس لمكافحة المقاومة والرجولة؛ وتكريس الدياثة خيارًا استراتيجيًّا نهائيًّا وأكيدًا للشعب الفلسطيني. ولو تركنا حديث الاستهزاء بسارحة البهم جانبًا نقول: ليست الكارثة فيما يفعله "دايتون" فهكذا تصنع القوى الاستعمارية منذ أن استبدت شهوة الاستحواذ بغازٍ. وليست أكبر مصائبنا في أن لدينا عملاء مستأجرين لقتال شعبهم فهذا حصل في مصر والجزائر ولبنان وغيرها وسيحصل في المستقبل كلما تجددت الظروف الملائمة لذلك. لكن المصيبة التي نستحق نحن الفلسطينيين عليها أن نقيم المآتم ونتقبل التعازي أن هناك تأصيلاً فكريًّا للخيانة والعمالة؛ وهناك اجتهادًا سياسيًّا وإعلاميًّا في حمايتها والطبطبة على ظهرها والتعمية على شرها وخطرها. لا أتحدث عن أبواق السلطة وتنعاب قادة فتح في الدفاع عن تسليم المجاهدين والأحزمة الناسفة والصهاينة الداخلين لمدن الضفة خطأ لعدونا؛ بل أقصد قطعان الإعلاميين والساسة من غير فتح من طوائف المستقلين والحزبيين الذين يرون كل هذا ثم لا يسمون الخائن خائنًا. يرون كل هذا العهر وهذه المثلية السياسية ثم يصرون على التمترس في خنادق الدفاع الجاهلي المفتقد للموضوعية وللوعي وللإنصاف ويتحدثون عن "انقسام" و"شطري وطن" و"فصيلين كبيرين مختلفين". كم منتظرًا زيديًّا نحتاج وكم خط انتاج في كم مصنع أحذية يكفي لإقامة حفل معاقبة هؤلاء المدلسين الكذابين المنافقين؟ أما أنتم يا أبطال كتائب الزعيم "دايتون" فافرحوا بالألقاب والتدريب والتكريم و"البارودة" والبذلة العسكرية. افرحوا قليلاً أو كثيرًا لكن تذكروا أنه حين تحين ساعة العقاب - عقاب مادي في عالم الدنيا إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا ولا نقصد عقاب الآخرة فقط - فإن كل السنين التي ستكون قد انقضت بين أيام العز الخياني ولحظة الحساب ستمر في شريط الذاكرة كلمح بالبصر؛ ولن يفلح اجترار التكريم الدايتوني القديم في تخفيف آلام العقوبة الناجزة القادمة لا محالة؛ وكلما درب دايتون أكثر كلما عزمنا على تعميق القبر لجيفة الخيانة أكثر وأكثر؛ "حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين"!
|
__._,_.___
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق