من حصار "بيروت" إلى حصار "غزة"
الكاتب/ محمد أبو علان
مقالة للكاتب الفلسطيني "ماجد كيالي" بعنوان "التجربة العسكرية الفلسطينية" أثارت في ذهني تساؤل هام حول موقف البعض من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والذي حملت اسم "الرصاص المصبوب"، والموقف حول موضوع الحصار بشكل عام، حيث أعادني هذا التساؤل لعام 1982 وبالتحديد للسادس من حزيران عندما قاد "أرئيل شارون" وزير الدفاع لدولة الاحتلال آنذاك حربه على لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية هناك، وحصاره لمدينة بيروت الذي استمر ثلاثة شهور إلا يومان ، والهدف المُعلن لهذه الحرب كان "وقف عملية إطلاق صواريخ الكاتيوشا من الجنوب اللبناني على المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة.
حينها التف الشعب الفلسطيني صفاً واحداً خلف منظمة التحرير الفلسطينية في كافة أماكن تواجده، فمن استطاع الوصول إلى بيروت وصل وحمل السلاح وقاتل ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ومن لم يستطع الوصول ناصرها بالدعم المادي والمظاهرات الشعبية، وتحولت فلسطين المحتلة لساحة مواجهات دائمة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتحرك طلبة المدارس والجامعات وكافة المؤسسات لمساندة منظمة التحرير الفلسطينية بهذه الحرب، ولا زلنا حتى اليوم نتغنى بذلك الصمود في بيروت رغم نزوح الثورة الفلسطينية بعد هذا الحصار، وحينها قال القائد الشهيد "أبو عمار" لو كانت بيروت مدينة فلسطينية ما خرجت"
ولم يظهر في فترة تلك الحرب من يقف ليقول إن هذه الحرب تورطيه نتيجة عدم تكافؤ القوى، ولم يتهم أحد منظمة التحرير الفلسطينية بجلب المصائب والويلات للشعب الفلسطيني أو اللبناني غير تلك الثلة التي زرعها الاحتلال وجندها في لبنان منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي والمتمثلة بقوات الكتائب اللبنانية التي كانت مساندة للاحتلال الإسرائيلي وارتكبت المجازر في صبرا وشاتيلا، ووقفت القوى الوطنية اللبنانية لجانب منظمة التحرير الفلسطينية في محاربة العدوان الإسرائيلي.
وها هو اليوم يعيد التاريخ نفسه مرّة أخرى في ظروف مشابه لهاتين الحربين، الأول في الدوافع والأسباب وهو وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية في جنوب فلسطين، والثاني يتعلق بالقوة العسكرية حيث التباين الكبير بين قوة الاحتلال والقوة الفلسطينية لصالح دولة الاحتلال التي لديها من القوة ما يكفي لمواجهة كافة الدول العربية مجتمعة، والعامل الرئيس المختلف إن حرب 1982 تمت على أرض غير فلسطينية بينما الثانية تتم على أرض فلسطينية خالصة.
ونعود لموضوع التساؤل وهو لماذا لم تلاقي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة نفس درجة الدعم والتأيد وخاصة على الساحة الفلسطينية الداخلية بنفس حجم الدعم والتأيد الذي حازت عليه المقاومة الفلسطينية في العام 1982؟، بل على العكس هناك من أعرب عن سروره بهذه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة كونها تستهدف حركة حماس كما أعلن ذلك وبصراحة "محمد دحلان" رئيس جهاز الأمن الوقائي سابقاً في حديثه لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية ونشرته عدد من مواقع الانترنت العربية، وهناك من اعتبر حركة "حماس عبء على الشعب الفلسطيني" وكأن حماس هي الوحيدة المستهدفة من هذه الحرب وليس الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
وتناسى أصحاب هذه المواقف العبء الحقيقي على المنطقة العربية عامة وفلسطين خاصة، والسبب الحقيقي لكل النكبات والجرائم التي حلت بالمنطقة ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي، وإن الأمور تسير على قاعدة "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"، فعملية "السور الواقي" التي قادها "أرئيل شارون" في العام 2002 كانت تهدف للقضاء على المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل خاص وعلى السلطة الوطنية بشكل عام بقيادة الرئيس الراحل الشهيد "أبو عمار" والذي استمر حصاره في المقاطعة في مدينة رام الله حتى استشهاده عبر عملية اغتيال لم تترك ورائها أية معالم أو دلائل واضحة عليها.
وإن أردت الاجتهاد حول التباين في هذه المواقف تجاه الحربين يمكن تحديد مجموعة من الأسباب أولها تحول النظام العالمي لنظام القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وخسارة حركات التحرر الوطني لأصدقائها وداعميها السياسيين والعسكريين بعد انهيار "الاتحاد السوفيتي" ودول المعسكر الاشتراكي هذا على المستوى الدولي
وثانيها على المستوى العربي زيادة حدة الفرز السياسي على المستوى العربي بين محورين، محور الاعتدال ومحور التطرف كما سمتهما وزيرة الخارجية الإسرائيلية "تسيبي ليفني" أو محور الشر ومحور الخير كما سماهما من قبلها "جورج بوش" الرئيس الأمريكي المنصرف، واعتبرت المقاومة الوطنية الفلسطينية جزء من محور الشر حسب هذه التصنيفات الإسرائيلية والأمريكية وبمصادقة معسكر الاعتدال العربي الذي ينتظر أن تنهي دولة الاحتلال حربها بالانتصار على المقاومة لاستكمال مخطط إنهاء القضية الفلسطينية بالطريقة التي يرونها مناسبة.
وثالث هذه الأسباب فلسطينياً وهو الضعف والوهن الذي أصاب منظمة التحرير الفلسطينية وخاصة بعد تقييد نفسها باتفاقيات أوسلو التي داستها مجنزرات الاحتلال الإسرائيلي مراراً وتكراراً واستمرار تمسك منظمة التحرير بها رغم كل هذه الممارسات الإسرائيلية، وهذا الضعف عكس نفسه على فصائل المقاومة الفلسطينية وتخليها عملياً عن الكفاح المُسلح وبالتحديد في الضفة الغربية لصالح الحفاظ على قيادتها السياسية من الاعتقال أو الاغتيال مما حول بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التي لا زالت تدعي نظرياً تبنيها الكفاح المسلح إلى جمعيات خيرية أكثر من كونها تنظيمات فلسطينية مقاومة.
أما العامل الثالث فهو تبنى السلطة الوطنية الفلسطينية لخيار التفاوض كأسلوب وحيد لحل القضية الفلسطينية وعملها الجاد على إنهاء حالة المقاومة عبر ما عرف "بالإعفاءات" لمسلحي كتائب شهداء الأقصى ولمن أراد من الفصائل الأخرى في الضفة الغربية، وتعاملها مع فصائل المقاومة الفلسطينية كتنظيمات خارجة على القانون تحت شعار "لا سلاح إلا سلاح السلطة" في ظل استمرار الاحتلال في جرائمه اليومية، كل هذا على الرغم من أن السلطة الوطنية الفلسطينية تفاوض الاحتلال منذ خمسة عشر عاماً دون نتائج على الأرض نتيجة عدم جدية الاحتلال في تحقيق السلام الحقيقي، بل الأمور تسير بشكل عكسي فالمفاوضات مستمرة دون نتائج والاحتلال مستمر في مخططاته وكأن لا وجود لمثل هذه المفاوضات.
وكل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تغير القيم والمفاهيم لدى البعض منا كما هول الحال في هذا العالم الظالم سياسياً، فباتت جرائم الاحتلال عمليات دفاع النفس، والمقاومة التي شرعتها كافة المواثيق الدولية أصبحت إرهاب وعنف، وبعض الدول العربية التي كان من المفترض أن تكون متنفس ومعبر للشعب الفلسطيني أضحت جزء من الحصار السياسي والاقتصادي على الشعب الفلسطيني، والمخفي أعظم.
ومامن كاتب إلا سيفنى ......ويبقى الدهر ماكتبت يداه
فلاتكتب بكفك غير شئ.......يسرك في القيامة أن تراه
Invite your mail contacts to join your friends list with Windows Live Spaces. It's easy! Try it! __._,_.___
[SFI 000123] Group..
for more information
moatezd@hotmail.com
+ 972 599 892592
Change settings via the Web (Yahoo! ID required)
Change settings via email: Switch delivery to Daily Digest | Switch to Fully Featured
Visit Your Group | Yahoo! Groups Terms of Use | Unsubscribe
__,_._,___
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق