المهندس مهيب عبد أبو القمبز
غزة - فلسطين
رحلة إلى والاشيا...
بقلم المهندس مهيب عبد أبو القمبز
غزة – فلسطين
لمن لا يعرف والاشيا Walachia، فهي مقاطعة في رومانيا قريبة من منطقة البلقان. وتعتبر من أشهر المناطق في أوروبا الشرقية نظرا لارتباطها بأميرها الشهير "فلاد الثالث Vlad III" أو "فلاد الولاشي" نسبة إلى والاشيا. أسمع أحدكم يسالني عن فلاد الولاشي؟
حسنا، فلاد الوالاشي هو أمير منطقة والاشيا في القرن الخامس عشر. وسبب شهرته هو فترة حكمة الرهيبة التي اتسمت بفظاعات ضد الإنسانية خاصة ضد العثمانيين وذلك بسبب طريقة القتل البشعة التي اتبعها في قتل ضحاياه وهي طريقة الخازوق حيث كان يدهن طرف الخازوق بالزيت ويدخله ببطء شديد في مؤخرة ضحاياه حتى يضمن ألا تموت الضحية فورا، لذلك سمي أيضا ب"فلاد المخوزِق Vlad the Impaler" بكسر حرف الزاء . وقد أحس السلطان محمد الثاني بفظاعة المخوزق عندما وجد جثث عشرين ألف أسير تركي معلقة على خوازيق خارج حدود ولاشيا عندما وصلها بالجيش, لكن نجح السلطان محمد الفاتح في الانتصار وهرب فلاد إلى المجر ويقال أن العثمانيين قتلوه ولم يهرب إلى المجر. وكانت تلك بداية انتهاء عهد الرعب الذي نشره فلاد حيث لم يكتفي بالخوازيق بل كان أيضا يقطع الآذان والأنوف والحرق والشي والحيوانات المفترسة ودق المسامير بالرأس.
لماذا هذه المقدمة البشعة عن الخوزقة؟ ببساطة لأن شخصية الكونت دراكيولا مصاص الدماء الشهير والتي يستمتع بها الأطفال أثناء مشاهدة أو قراءة قصص الكونت مستوحاة من فلاد الوالاشي! نعم، لقد استقى منها الكاتب "برام ستوكر" شخصية مصاص الدماء في روايته الشهيرة دراكولا. ومن الجدير بالذكر أنه بالنسبة للرومانيين فقد كان فلاد بطلا قوميا استطاع حماية دولته وحماية المسيحية من زحف العثمانيين الكاسح، إلا أن العثمانيين نجحوا في النهاية في غزو ولاشيا. إذن نحن نقرأ ونستمتع بقراءة أو مشاهدة قصة رجل قتل وعذب عشرات الآلاف من المسلمين بطريقة وحشية، ونعتبره شخصية محببة للسرد القصصي.
هذه القصة وغيرها من القصص الشهيرة التي نقرأها مثل طرزان لها أهداف مريبة وتنتشر في الدول العربية والإسلامية بشكل كبير مثلها مثل انتشارها في البلدان الغربية. فطرزان هو نتاج قريحة المؤلف الأمريكي "إدغار رايس بوروس" العنصرية والتي هدف من وراء روايته إثبات تفوق الرجل الأبيض على الرجل الإفريقي في رواية طرزان. من خلال القصص المصورة يتم حشو عقولنا بقصص وأبطال وهميين هم في الحقيقة أعداء للإنسانية بشكل عام وللمسلمين بشكل خاص. لذلك لا غرابة حينما نجد ألعاب فيديو الآن منتشرة في أجهزة الحواسيب تتحدث أيضا عن تفوق الرجل الغربي على الرجل الشرقي الذي عادة ما يصور على أنه رجل همجي غبي.
لا أدعو إلى مقاطعة القصص الغربية المصورة أو الروايات العالمية التي أنا شخصيا أقرؤها بنهم وأمتلك مكتبة كاملة منها تكاد تصل إلى المئات. لكن المطلوب هو أن نعرف أصل هؤلاء الأبطال الوهميين مع العلم أن هناك شخصيات ورقية لها أهداف نبيلة مثل الأقزام السبعة وآليس في بلاد العجائب والسيدة ملعقة والنحلة زينة ..إلخ. المطلوب هو أن نعقل ما نقرأ وأن نبحث دوما عن الحقيقة حتى لا نخلق في فكرنا الباطن صور وهمية لأبطال لم يكونوا يوما أبطالا بل كانوا قساة وفظين إلى درجة قتل البشر بطرق وحشية. عن القدوة الحسنة أتحدث وأحث على التركيز عليها في القصص التي يقرؤها أو يشاهدها أطفالنا.
أخيرا وليس آخرا، انصح نفسي وإياكم بقراءة الأدب العالمي إضافة إلى الأدب العربي، لأن الأدب العالمي غني بالتجارب الجيدة والتفاصيل الأدبية الممتعة
__._,_.___
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق