الثلاثاء، 17 مايو 2011

[ GAZA ] كلمات في ثورة ليبيا





 

كلمات في ثورة ليبيا ...

د/وائل محي الدين الزرد

www.Waelalzard.com

      ما من شكٍّ أن الألم يزداد يومًا بعد يومٍ لما يقع للشعب المسلم في ليبيا الحبيبة، فالصواريخ العشوائية التي يطلقها النظام الليبي الظالم تصيب الحيَّ والميت، وتحيل الحياة في ليبيا إلى موت، والعمار إلى دمار، والأمن إلى خوف ورعب !

      والثوار في ليبيا في حيرةٍ من أمرهم لا يقوون على إطلاق الصواريخ –إن امتلكوها- إلا بحذرٍ شديد، خشية أن تصيب الأبرياء من أهل طرابلس أو غيرها، هذا مع ما يعانوه من قلةٍ في السلاح وضعفٍ في التدريب وانقطاعٍ للمدد .

      وقد حدث في ثورة ليبيا بعضُ الأمور التي لم تحدث في الثورات التي سبقتها سواء في تونس أم مصر، وقد أوجدت هذه الأمورُ الكثيرَ من الأسئلةِ على الصعيد السياسي والشرعي كذلك، وانطلق الكثيرُ من الناس يهرف بما لا يعرف ويفتي بما لا يدري ويتكلم بما لا يعي، ولأن ثورةَ ليبيا تخصنا وتهمنا، فمن حقنا أن نساهم في جلاءِ بعض الأمور التي سببتْ لبعضِ الناسِ إشكالاً، عبرَ النقاط التالية:

أولاً: لا تنسوا أن الذي يقع في الكون كله، بقدر من الله تعالى، فالله هو الفعال لما يريد، والقوى المسماة بالكبرى ما هي إلا حلقة في ملكوت الله تعالى، يجري عليها وعلى غيرها سنةُ الله تعالى، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً، فلتسترح قلوب المؤمنين وليكلوا الأمور لله رب العالمين، وليعلموا يقيناً أن ما يقع في ليبيا وغيرها إنما يقع [لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ] .

إن الحيرة التي يصاب بها كمٌّ كبير من الناس حيرة مشروعة، ففي الكثير من الحالات بسبب تشابك الواقع الذي نحياه واختلاط المفاهيم فيه وعدم وضوح الحق من الباطل، ترى الكثير -من غير الراسخين في العلم- تجدهم حيرى لا يدرون أين الحق من الباطل، ولا أين الخير من الشر، وفي ثورة ليبيا اختلطت بعض المفاهيم وظهرت على السطح صور هي الأولى من نوعها في واقعنا المعاش اليوم، مواجهة عسكرية دموية بين نظام عربي (يزعم الإسلام) ومواطنين يطمعون في الحرية  والانفكاك من أسر هذا الظالم الذي عطل مقدراتهم وأهدر كرامتهم وجعلهم عالة على غيرهم مع ما يمتلكون من قدرات قَلَّ أن تكون في بلد آخر، ومن الفتن ما تترك الحليم حيرانًا، وفي معجم الطبراني الأوسط (65/2) من حديث أبي موسى الأشعري قال: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ فِتَنٌ بَاقِرَةٌ، تَدَعُ الْحَلِيمَ حَيْرَانًا ...] .

كان الشعب الليبي يعيش حالة من الأمن والأمان، في هدوء واستقرار، فلماذا الدماء والقتل وتخريب الديار وإيقاف النهضة وعرقلة عملية البناء والتقدم؟ كل هذه الأسئلة تطرح في عالم اليوم، وكأنَّ ليبيا كانت قاب قوسين أو أدنى من النهضة واللحاق بركب الحضارة والمدنية العالمية اليوم، وجاءت الثورة فأوقفت المدَّ الحضاري وخطَ الازدهار، وربما يناسب هنا أن نذكر بأمرين:

1. الوضع الليبي لمن يعلمه يعاني من حالة من التأخر في غاية البأس، مع وجود كافة الخيرات والمقدرات من مساحة واسعة شاسعة وأرض صالحة للزراعة وبترول يملأ البلاد وثروة سمكية هائلة وثروة حيوانية لا تعد ولا تحصى وانفتاح على العالم كله، ومع ذلك فلا زال هناك الآلاف من الأسر –وقد شاهدناها- تعيش حالةً من البؤسِ وبجانبِ المطارات يسكنون، والنوابغ من الشباب الليبي يُخطفون لئلا يتفقوا بشيء –ولو بلعب الكرة- على الملهم والمفوه والأستاذ ورسول الصحراء وملك ملوك أفريقيا وعقيد الزعماء العرب ...، والآلاف من الدعاة والعلماء وأصحاب الرأي مغيبون في السجون، وبعضهم لا يعرف أفي الأرض هو أمن أهل الآخرة ! مجازر بالعشرات وسجون ممتلئة بالآلاف والمئات، قهرٌ مصبوب وأمنٌ مسلوب وتأخرٌ وتراجعٌ موجود !

2. وهل يمكن أن تُنال الحريةُ بالمنام والأحلام ؟ وهل يمكن لشعب أن يتحرر من أيدي الطغاة بلا ثمن ؟ وهل يمكن لشعب سلبت إرادته وصودرت حريته أن يصل لما يريد دون بذل الثمن المطلوب ؟ وللحُريةِ الحَمراءِ بابٌ ... بِكلِّ يدٍ مضرجةٍ يُدَقُّ .

_   استغرب كثير من الناس من وقوف الكثير من الدول مع الثوار ضد العقيد القذافي الموالي للغرب، وطُرحت أسئلةٌ أثارت الشكوكَ من الثورة والثوار، وجعلت البعض يكاد أن يجزم أن ما يحدث في ليبيا وفي العالم العربي اليوم ما هو إلا مؤامرة كبيرة على العالم العربي، بحجة الديمقراطية والبحث عن الحرية، وإزاء هذه الآراء نقول: لم يقف العالم الغربي ضد القذافي وحده، بل سبق وقوفهم ضد من سبق القذافي مثل / مبارك، وابن علي، وفي ظني أن العالم الغربي لا يقف إلا مع القوي، وحين تأكد لدى العالم الغربي أن كفة الشعب هي الراجحة وأن موج الثورة عالٍ لا يعاند، قررت الكثير من الدول العالمية وفي مقدمتها الدول الغربية أن تقف مع الشعب والثوار ضد الأنظمة الحاكمة، لا حبًا في هذا وكراهية في ذاك، ولكنها السياسة  المبنية على المصالح !

_   ونستطيع أن نقول أيضًا أن هناك ثارات بين الغرب وبين القذافي قديمة، فهو المتهم هو ونظامه بتفجير طائرة أمريكية عام  1988والتي وقعت فوق مدينة لوكربي، راح ضحيتها أكثر من 259 أمريكيًا إضافة ل11 شخصاً من أهالي المدينة، وهو المتهم من فرنسا بتفجير طائرة (يوتا) فوق النيجر عام 1989 وقد راح ضحية الحادث أكثر من 170 شخصًا، إضافة إلى اتهامه بالوقوف وراء دعم بعض الجماعات المتطرفة لإثبات قدرته -الجنونية- على التحكم في سياسة الدول العظمى الداخلية والخارجية –حسب زعمه- .

_   ونحن نتكلم عن وقوف الغرب ضد القذافي أو مع الثوار في البلاد العربية، لا يعني هذا بحالٍ أننا نثني عليهم أو ننسى فعالهم في العالم العربي والإسلامي، فما زالت أيدي بعضهم تقطر دمًا من إخواننا في الصومال وأفغانستان والعراق ولبنان وعندنا في فلسطين، ولكنها السياسية التي يفرح فيها المستضعفون من ضرب الظالمين بعضهم ببعض، [وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ]، ومن قديم قالوا: وما من يدٍ إلاّ ويدُ اللهِ فوقَهَا * وما مِنْ ظالمٍ إلاّ ويُبلى بأظلم.

_   مع اعتقادنا أنه من الممكن أن يجعل الله من أسباب نصرة دينه بعض من لا دين لهم، وما يَعلمُ جُنودَ ربِّكَ إلا هُوَ، وفي صحيح البخاري 2834 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ [هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ] فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [إِلَى النَّارِ] قَالَ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ [اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ] ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ [إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ] .

وأخيراً:

نتمنى من أعماق قلوبنا لشعب ليبيا  الخيرَ في الدنيا والآخرة، وأن يُعجَّلَ الله لهم الفرج والخلاص من الطاغية الظالم، وأن يَجعَل خلاصَهم منه مقدمةً لنهضتهم، ففي ليبيا من الخيرات ما لا يعلم به إلا الله عز وجل.

 

 

 




--
SFI000123 [ Gaza ]  Group
للإشتراك بالمجموعة أرسل رسالة فارغة للإيميل التالي
sfi000123-subscribe@yahoogroups.com
أو أدخل للصفحة
http://tech.groups.yahoo.com/group/sfi000123/



__._,_.___


--
SFI000123 [   GAZA   ] Group





Your email settings: Individual Email|Traditional
Change settings via the Web (Yahoo! ID required)
Change settings via email: Switch delivery to Daily Digest | Switch to Fully Featured
Visit Your Group | Yahoo! Groups Terms of Use | Unsubscribe

__,_._,___

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق