الاثنين، 28 مارس 2011

[ GAZA ] لماذا لا يرحلون ؟




لماذا لا يرحلون ؟

2011-03-26

        عجيبٌ واللهِ أمرُ هؤلاء الزعماء والحكام، لا يَزولون عن كراسيِّ الحكم إلا بقتلٍ مفاجئٍ أو بمرضٍ قتَّال، وحديثًا بإزاحةٍ وترحيلٍ على يدِ "الثُّوار"، فلماذا هذا التشبث بكرسي الحكم إلى هذه الدرجة، الشعبُ لا يريدهم، والمثقفون لا يحبونهم، والشبابُ يكرهونهم، وقد وصلت إليهم النصائحُ متلفزةً وعلى الهواء مباشرة، ومع ذلك يقولون :

أَبِي الكرسيُّ لا أبَ لِي سِوَاهُ   ،،،،،   وإنْ تَنَادَوْا بِحُرِّيةٍ أَوْ رَحِيْلي   

        فأين عقولُهُم، وقد أُوتُوا قِسطًا وافرًا من عقلٍ وحنكةٍ، مَكَّنَتْهُم من حُكْمِ شُعوبِهم هذه المدةَ الطويلةَ، يقهرون فيها المُنادِينَ بالحُرِّيةِ، ويمسحون فيها المُطالبينَ بالديمقراطية، ويُزيلون كلَّ من وقف أمامهم ولو كان ابنَ أمِّهم وأبِيهم !.

        مع أنَّ كرسيَّ الحكم لَو دامَ لغيرهم ما وصل لهم، وهاهم الأنبياء والمرسلون وكذا الظالمون والفاجرون، كلُّهم ماتوا وتركوا الدنيا بخيرها وشرها، وحُلْوِهَا ومُرِّهَا، فالصالحون على مر الزمان عليهم : سلام الله يومَ وُلِدوا، ويومَ مَاتوا، ويومَ يُبعثٌ أحدُهم حيًّا، وغيرُهم من الظالمين الفجار، مَضَوا عليهم : لعنةُ الله يومَ وُلِدوا، ويومَ مَاتوا، ويومَ يُبعثٌ أحدُهم حيًّا [أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ] .

        وتخيلوا معيَ أحدَ هؤلاءِ الحكام، قامَ عليه شعبُه مطالبينَه بالرَّحيل، ومنادِين عليه بالتَّنحي عنِ السلطة، فنزلوا إلى الشوارعِ بمظاهراتٍ سلمية، وأقاموا اعتصاماتٍ شعبية، وأصرُّوا على رحيلِه، فما كان منه إلا أنْ دعا لمؤتمرٍ صحفيٍ عام، وأمامَ كل المعتصمين والمتظاهرين من أبناءِ شعبه، قال لهم :

        ( حكمتُ البلدَ طوالَ هذه المدة، فإنْ أحسنتُ فمنَ الله، وإنْ أسأتُ فمني ومن الشيطان، وها أنا ذا أتركُ الحكمَ استجابةً لطلبِكم ونزولاً عندَ رغبتِكم، لئلا يراقُ الدَّمُ، وكيلا تزهقُ الأرواحُ، وأتركُ البلدَ أمانةً في أعناقكم، والسلام ) .

        والله إني لأزعم أنَّ أبناء شعبه سيجعلون هذه الحسنةَ الجديدةَ مكفرةً لكل سيئاته القديمة، وسينسون ما قَدَّمَ من سُوءِ حُكْمٍ أمامَ ما سيذكرون من حُسْنِ تنحٍّ ورحيلٍ.

        وقد قام بهذا الرحيل المشرف -من قبلِ هؤلاء- بعضُ الحكام السابقين، ولا زالت الدنيا كلها تتغنى بجميل صنيعهم وحسن فعالهم، فهذا أوَّلُهم : السيدُ الإمامُ الحسنُ بنُ علي رضي الله عنهما، ترك الحكمَ حقنًا لدماء المسلمين وإبقاءً على أرواحهم –دون أن يثور عليه قومُه-أأ رجاءَ أن ينالَ بركةَ وشرفَ قولِ النبي صلى الله عليه وسلم [إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ] رواه البخاري : 2704 .

        وفي زماننا المعاصر-عام2003- فعل هذا بعضُ الحكام من المسلمين، فهذا رئيس الوزراء الماليزي المسلم (مهاتير محمد) سار بماليزيا إلى القمة عبرَ خطةٍ محكمة، ثم سَلَّمَ إدارةَ البلادِ لمن بعده بهدوءٍ وتؤدةٍ، عن طواعيةٍ ودون ثورةٍ أو مطالبةٍ بالرحيل ، وبقي رمزاً لقومه ولمن بعده، يُذْكَرُ بخيرٍ أنَّى ذُكِرَ، وأَلْزَمَ منْ بعده أن يسيرَ على منوالِ خدمةِ الشعب لا استعباده، ولا زال عبيرُ سيرتهِ العطرةِ يفوحُ ريحُها مِسكاً وعَنبراً .

        وكذلك فعل –مِنْ قبلُ- المشير/ عبد الرحمن سوار الذهب، فإنه تعاهد مع الآخذين للسلطة أن يتنازل عن السلطة ورئاسة السودان بعد عام من توليه، وما كاد ينقضي العام حتى أعلن المشير عبد الرحمن سوار الذهب تخليه عن السلطة ورئاسة المجلس العسكري الحاكم للبلاد آنذاك، وبقي إلى الآن محطَّ احترامٍ من قبل كل السودانيين، وأضحت كل الأطياف السودانية ترجو قربَه وتخطب وُدَّهُ ! 

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن الذين يرفضون الرحيل أو التنحي من الحكام والرؤساء الحاليين، إنما يرفضون لأمور أهمها ما يلي :

1.    لنْ يُكْتَبَ لهم شرفُ الانسحاب ولا كرامةَ التنَحي، لكثرةِ معاصيهم وإجرامهم ولكثرة ما ساموا شعوبَهم سوءَ العَذاب، فما فعلوه في شعوبهم من نهبٍ للخيرات وتضييع للمقدرات وكبتٍ للحريات، وقتلٍ للإبداع وسحقٍ للعقول، كل هذا وغيره سيكون حائلاً دون تنحي بعضهم بصمتٍ وشرف .

2.    قد أُشرِبَ القومُ عشقَ الحكمِ وربطوا مصيرَهم به، وما عادُوا يرونَ لهم حياةً دونَ الكرْسي والأمرِ والنَّهي، ولذا سيهونُ عليهم رؤيةُ أشلاءِ شعبِهم متطايرةً، ودماءِ أبناءِ قومِهم مسفوكةً، ولنْ يكترثوا حتى يُزالوا عنوةً .

3.    كثيرٌ منهم لا يمتلكُ قرارَ الرَّحيلِ والتنحي، فالأمرُ ليسَ له، وإنَّما هو أجيرٌ عند أعداءِ الأمَّة، لا حولَ له ولا قوةَ، يظهر على أنه الآمر الناهي، وهو لا أمر له ولا نهي، فالأمرُ ما أمَرُوا والحُكمُ ما حَكَمُوا، هُوَ خَائِرٌ عَاجِزٌ وليتَهُ كَعَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيْل!

4.    وجودُ البطانةِ السيئةِ حولَ بعضِ الرؤساء، التي ترسمُ لهمُ المتظاهرينَ على أنهم حِفنةٌ منَ المُتمردين، وثلةٌ منَ العُملاء المُتورطين، أو يفزعونه بفزاعة [الإخوان المسلمون]، فيغريهِم هذا بالصمود حتى يظهروا أمام الشاشات فيقولون "أنا فهمتكم" ولكن يقولها أحدهم في وقتٍ لا ينفعُ فيه قولٌ ولا فعلٌ، وإنما هو الرحيلُ المَصبوغُ بالذلِ والعَار.

 

لهذا ولغيره فهم لا يَرحَلون وإنما سَيُرَحَّلُون، وإنَّ غَدًا لِناظِرهِ قَريبٌ، وسَيعْلمُ الذيْنَ ظَلمُوا أَيَّ مُنقَلبٍ يَنقَلِبُون !

 

للتواصل/

د. وائل محي الدين الزرد

wael.alzard@hotmail.com

www.waelalzard.com

0097 0599329275




--
SFI000123 [ Gaza ]  Group
للإشتراك بالمجموعة أرسل رسالة فارغة للإيميل التالي
sfi000123-subscribe@yahoogroups.com
أو أدخل للصفحة
http://tech.groups.yahoo.com/group/sfi000123/



__._,_.___


--
SFI000123 [   GAZA   ] Group





Your email settings: Individual Email|Traditional
Change settings via the Web (Yahoo! ID required)
Change settings via email: Switch delivery to Daily Digest | Switch to Fully Featured
Visit Your Group | Yahoo! Groups Terms of Use | Unsubscribe

__,_._,___

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق